
يعتبر القضاء أيا كان نوعه
إداريا أو عاديا، أهم ما يميز الدولة المعاصرة المرتكزة على مبادئ الديمقراطية
والعدالة، فالقضاء هو سلطة قائمة الذات سواء في النظم التي تأخذ بوحدة القضاء أو
في الأنظمة التي تأخذ بنظام القضاء المتخصص، بحيث يلعب القضاء دورا كبيرا في
التوفيق بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة في حالة وجود نزاع من نوع متميز (نزاع
يخضع لقواعد القانون العام). كما يعمل على تسوية النزاعات وذلك بتحقيقه للعدالة
القانونية بين الأطراف المتساوية الحقوق والواجبات في العلاقة القانونية (نزاع
يخضع لقواعد القانون الخاص).
من جانب
آخر يمكن القول أن القضاء الإداري يعد من أهم الدعامات التي ترتكز عليها الدول
الديمقراطية لرفع الحيف عن مواطنيها في ما قد يصدر عن الإدارة أو الدولة في حقهم
من شطط في استعمال السلطة.
كما يهتم
القضاء الإداري في جوهره بإعطاء الحلول للمنازعات الإدارية التي تنشأ بين الإدارة
والخواص أو الإدارات العمومية فيما بينها.
فمن الناحية
التاريخية يرتبط القانون والقضاء الإداريين في نشأتهما وتطورهما بالمنظومة
القضائية والقانونية الفرنسية، حيث شكل حكم بلانكو النواة الأولى لتمييز المنازعات
الإدارية عن المنازعات المدنية.
أما بالنسبة
للمغرب فقد عرف بدوره مجموعة من التطورات على صعيد نظامه القضائي إذ عرف ثلاث
محطات أساسية بدءا بفترة ما قبل الحماية التي ساد فيها تطبيق مبادئ الشريعة
الإسلامية في مختلف مناحي الحياة، حيث كانت (الإدارة) في تلك المرحلة تقوم بوظائف
تشريعية وتنفيذية وقضائية معا، في غياب تام لمبدأ فصل السلط، ولم يكن لأحد أن يطعن
في تصرفاتها أو أن يتناولها بالنقد نظرا لارتباطها بشخص السلطان وكل انتقاد لها
يعد بمثابة انتقادا له، إلا أنه ومن الناحية العملية كانت هناك مجموعة من الوسائل
يلجأ إليها كل من ألحقه جور من عمال الإيالة (المملكة) وفي هذه الحالة فإذا ما
أصاب شخص حيف من الإدارة يجوز له أن يتظلم من ذلك إلى وزير الشكايات الذي يتولى
بدوره تقديمها إلى السلطان قصد إرجاع الحق إلى صاحبه.
أما في عهد
الحماية التي فرضت على المغرب بموجب معاهدة فاس 1912 فقد سعى المستعمر الفرنسي
إلى إدخال مجموعة الإصلاحات القضائية والقانونية خدمة لمصالحه الاستعمارية.
وقد كان
ظهير 12 غشت 1913 إحدى أهم الركائز لإرساء نظام قضائي بمفهومه الحديث، إذ يعد هذا
الأخير النواة الأولى لنشأة القضاء الإداري في المغرب، حيث جاء ظهير 1913 في مادته
الثامنة بمجموعة من المبادئ أسست لما يمكن تسميته بالقانون الإداري أو القضاء
الإداري.
أما في ما
يخص فترة الاستقلال فقد سعى المغرب إلى تطوير
نظامه القضائي ليتماشى والمتغيرات الجديدة التي طبعت مرحلة الاستقلال. حيث تم
إنشاء المجلس الأعلى سنة 1957 وقضاء الإلغاء ليلي ذلك عدة إصلاحات أفضت إلى إحداث
محاكم إدارية سنة 1993 ومحاكم الاستئناف الإدارية سنة 2006 متخصصة في المنازعات
والقضايا الإدارية الصرفة.
و من نتائج ازدياد تدخل
الدولة و توسيع نشاطها واحتكاكها المباشر بالإفراد وتعدد أخطاءها
وكثرت الأضرار التي يصاب بها الأشخاص من جراء هذا النشاط لدى كان لابد
من تعويض المتضررين.
فالقضاء الشامل هو
ذلك القضاء الذي يتيح للقاضي ليس فقط مجرد بحث مدى مشروعية العمل الإداري، ومن ثم
إلغاء أو عدم إلغاء ذلك العمل، أو بمعنى آخر لا يتيح للقاضي فقط مجرد إدانة أعمال
الدولة المخالفة للقانون، وإنما يتجاوز ذلك إلى تصحيح وحسم المركز القانوني الذاتي
للطاعن وذلك بتعديل العمل الإداري أو تبديله إذا ثبت بطبيعة الحال عدم مشروعيته أو عدم صحته، والحكم له كذلك
بالتعويض عن الأضرار الناجمة عنه. وفى كلمة يمكن القول أن القضاء الكامل يتيح للقاضي
بيان الحل الكامل والصحيح للنزاع المعروض عليه بما من شأنه حسم كافة عناصر ذلك
النزاع بشكل نهائي.
كما تشكل دعوى المسؤولية وسيلة
قانونية تمكن المتضرر من نشاط الإدارة من التوجه إلى القضاء من اجل أن يحصل على
تعويض عن الضرر الذي أصابه. ويقصد بالمسؤولية لغة "ما يكون الإنسان مطالبا به
أو مؤاخذا به لأجل أمور أرتكبها وتعني اصطلاحا "بأن هناك فعلا ضارا يجب أن
يؤاخذ مرتكبه "
كما عرفها سليمان مرخس
"حالة الشخص الذي ارتكب أمرا يستوجب المؤاخذة.
فقبل القرن 19 لم يكن من
المتصور أن تسأل الإدارة أو الدولة باعتبارها صاحبة السيادة فهي تلزم الجميع و لا
تلزم نفسها بشيء إلا أن هذه النظرية انهارت وأصبحت مسؤولية
الدولة مقررة ,فالأشخاص العموميون شأنهم في ذلك شأن باقي ألأفراد يتحملون مسؤولية
أعمالهم التي تتولد عنها أضرار ينبغي جبرها ورغم وجود نصوص المسؤولية الإدارية في
قانون التزامات و العقود فانه لا يمكن آن نخلط بينها و بين المسؤولية
المدنية لكل منهما أحكامها
المتميزة عن الأخرى، ولكن بما أن الأنشطة العامة تخضع لقواعد متميزة المطبقة في الأنشطة
الخاصة التي كان من الطبيعي أن تخضع لأحكام وقواعد تختلف عن تلك المعروفة في نظام
المسؤولية المدنية.
لكن صدور حكم بلا نكو سنة 1873
كان له الفضل في التمييز بين المنازعات التي تخضع لقواعد القانون الإداري والتي
تخضع لقواعد القانون الخاص مع العلم أن الفقه اختلف حول تحديد أسس ومرتكزات
المسؤولية الإدارية للمرافق العامة.
و مع ذلك تبقى هناك ميادين
مستثناة من المسؤولية يمكن تحديدها في المجالات التالية وهي:
ü
عدم مسؤولية الدولة عن النشاط
التشريعي
ü
عدم مسؤولية الدولة عن النشاط
التنفيذي
ü عدم
مسؤولية الدولة عن أعمال السيادة.
إلا انه في المغرب يمكن أن تثار
مسؤولية الدولة في هذه الأعمال في حالات حددها المشرع في قانون المسطرة المدنية،مع
استثناء القرارات الملكية .
وقد عرف المغرب تنظيم دعوى
التعويض ابتداء من عهد الحماية من خلال قانون الالتزامات والعقود سنة 1913 في
فصلين 79و80 اللذان يشكلان العمود الفقري الذي تنبني عليه المسؤولية الإدارية.
كما انه في دعاوى القضاء الشامل
نجد أن ولاية المحاكم الإدارية بالطلبات المستعجلة لها أهمية قصوى ،ففيها تزداد
الحاجة إلى تقدير موقف الإدارة في علاقتها بالطرف الأخر، وذلك خلال النظر في
الدعوى وقبل الفصل فيها ،مما يدفعنا إلى القول أن الحماية القضائية الوقتية ذات
فاعلية في هدا الصدد بما تحمله من قضاء عاجل لا يمنح الحق ولا يضيعه ،و إنما يمنع
الضرر أن يستفحل أو يثبت ضررا واقعا فيمكن المضرور من إثباته وهو يطلب تعويضه عنه.
تتجلى أهمية هدا الموضوع في كونه يعطينا فكرة و
لو موجزة عن مفهوم، نشأة وتطور القضاء الإداري بكل من فرنسا والمغرب بصفة عامة
،والقضاء الشامل بصفة خاصة ،كما يوضح لنا كافة إجراءات دعوى التعويض من شروط
وتقدير و مسطرة وكذا الجهاز القضائي المختص في هده الدعوى،إضافة إلى ذلك فهو يوضح
لنا نطاق ولاية الطلبات الاستعجالية في القضاء الشامل.
إن أردت معرفة المزيد راسلنا على صفحتنا بالفيسبوك.
أو أترك تعليقا.
خبرتنا رهن إشارتكم.
تعليقات
إرسال تعليق